إن الفوائد التي نجنيها من الصيام و التي تدخل في قالب المزايا الصحية للانقطاع عن الأكل ممثلة في تطهير شامل لكل الأعضاء و ترميم بعض الاختلالات داخل الجسم مع تنشيط و تقوية جهاز المناعة أساسا لا يمكن لها ان تتحقق الا إذا كان مفهوم و قواعد الصيام مطبقة بدقة و على رأسها تفادي الإفراط في الأكل بعد الافطاؤ، أو بمعنى آخر تجنب الأكل التعويضي خلال الليل لأن الفرد إذا صام و زاد وزنه بعد مدة صيامه عوض النقص فقد أفسد لب و جوهر الصيام من الناحية الطبية و على هذا الأساس نعتبر الصيام قد حقق مقاصده عنما لا يزيد وزن الصائم بكيلوغرام واحد بل يفقد الصائم بعضا من وزنه كدليل على تمام عملية التطهير الكامل لمختلف الأعضاء .
في هذه الحالة و لكي لا يصدم الجسم بعد الافطار بوابل من الأكلات و المشروبات التي تفسد ما حققه طيلة ثلاثين يوما بل تتسبب في تعقيدات اخرى كظهور عدة أشكال من عسر الهضم و القولون و حتى بعض الاختلالات الأيضية بمباشرة بعض التفاعلات الكيميائية الغير طبيعية خلال مسار الأكل من الهضم إلى الافراز و الامتصاص .
و على هذا الأساس ينصح الخبراء باتباع بعض الارشادات البسيطة في ظاهرها القيمة في آثارها بعد كل صيام أو انقطاع عن الأكل يفوق الأسبوع مهما كانت الصيغة " انقطاع كلي تناوبي أو انقطاع جزئي طويل بغض النظر عن المدة " ، فخلال مرحلة الصيام يكون هناك نقصان معتبر في كميات العصير أو الحمض المعدي و كل الأنزيمات الهضمية، هذا التناقص حدث في مدة زمنية معينة و لكي يعود لمستويات تركيزه الأول ينبغي انقضاء مدة زمنية -يقول خبراء التغذية لا يمكنها أن تقل عن مدة الانقطاع أو الصيام إطلاقا، بمعنى أننا مطالبون بعد انتهاء شهر الصيام اتباع نظام غذائي لطيف و تدريجي خلال ثلاثين يوما على الأقل . أما فيما يخص المحاور الكبرى التي يجب اتباعها و احترامها خلال عملية العودة إلى النظام الغذائي الطبيعي بعد الصيام فهي تؤكد على أن تكون التغذية الأولية لطيفة مرنة بمعنى أكلات قوامها الخضر و الفواكه الطازجة و النيئة على شاكلة الحساء و السلطة بشتى اصنافهم مع الإدخال التدريجي للأطعمة الصعبة الهضم أو عدم الإكثار منها و ينصح بالعصائر الطبيعية و الحساء بالخضر، يعتبرها الخبراء كأطعمة صديقة للصائم المفطر خلال العودة لنظامه الغذائي العادي.
هذه المأكولات غنية بالألياف و المعادن و الفيتامينات المختلفة الشيء الذي يمنحها القدرة على تحسين أداء الكبد و تسهيل عملية الهضم . يحبذ علماء التغذية أكل فاكهة واحدة في اليوم خلال الأيام العشرين الأولى من مدة إعادة تأهيل الجسم، و يطالبون بعدم الإكثار من الملح حتى لا يحتبس الماء في الجسم وتفادي أو تقليل استهلاك المنبهات مع الإكثار من الماء و أكل اللحوم مرة كل ثلاثة أو أربعة أيام، بمقدار لا يزيد عن 100 غرام للمرة الواحدة الشيء الذي يجلب 185 كالوري.
أما فيما يخص مشتقات الحليب فينصح لمن يقل سنه عن الخامسة و الخمسين سنة بالتقليل منها وبعد هذه السن يمكن زيادة استهلاكها في حدود مصدرين فقط " كاس لبن أو روب مع ثلاث قطع جبن خلال اليوم " . هذه المرحلة الانتقالية التي ينبغي أن تقارب مدتها مدة الصيام الهدف منها هو تفادي تلطيخ الجسم و ارباكه بالأكل الكثير حفاظا على ما حققه خلال الصيام من تطهير شامل مما يؤهل الجسم لمباشرة وظائفه في أريحية و أداء جيد مع الحفاظ على المزايا الصحية المحققة .
قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلّ الله لكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا و اتقوا الله الذي انتم به مؤمنون " صدق الله العظيم .
الدكتور / محمد شيدخ طبيب رئيس باحث في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة