ولد العلامة الشيخ سيدي محمد بلكبير بن محمد عبد الله بن لكبير ،بقصر لغمارة عام 1330 هـ الموافق 1911 م .ولد رحمه الله عليه من أسرة شريفة مشهورة بالكرم والعلم ،تنحذر من سلالة ثالث الخلفاء الراشدين ،سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه .،نشأ شيخنا في أحضان العائلة العلمية ،حيث كان أبوه من حملة كتاب الله ،المشهود لهم بالخير والبركة ،وكان عمه إماما ومعلما بمسجد القرية ،وكان خاله سيدي محمد بن المهدي فقيها وصوفيا من أعيان عصره بقصر (بني لو) ببودة أيضا . فحفظ القران الكريم أولا ،على يد الطالب عبد الله المعلم بمسجد لغمارة،وعلى يد عمه الإمام، أخذ المبادئ الأولية في علوم الشريعة ،من متون الفقه والنحو والعقيدة في سن مبكرة . وقد كان لهؤلاء الفضلاء الأثر الكبير في تنشئته المتميزة ،وتربيته الكريمة ،وإعداده للصبر والمثابرة في طلب العلم ،مما هيّأه لتحمل الغربة ومفارقة الأهل في سبيل التعلم . رحلته لطلب العلم ،وبعد مناهزة البلوغ ،انتقل به والده سيدي عبد الله رحمه الله إلى عاصمة العلم في توات آنذاك (تمنطيط) للتعلم على يد العلامة الشيخ سيدي احمد ديدي ،حيث مكث عنده سنوات ،تلقى فيها ما قدر له من العلوم الشرعية والعربية،. وأثناء هذه المرحلة اتصل خلالها بعلماء وقضاة المنطقة ،مثل سيدي عبد الكريم الفقيه البلبالي بقصر ببني تامر والشيخ محمد ،الطريقة الكرزازية (الموسوية الشاذلية نسبة للشيخ سيدي احمد بن موسى رحمه الله) القاطن آنذاك في تلمسان الشيخ سيدي بوفلجة بن عبد الرحمن رحمه الله. واتصل حينها بعلماء تلمسان ،و زار جامع القرويين بفاس واتصل بعلمائه . وبعد تلك المرحلة اشتغل رحمه الله بالتدريس بناحية العريشة ثم بالمشرية يحفظ القرآن الكريم ويدرس الفقه والتوحيد .
*كان مصلح ذات البين و استقطب الطلبة من داخل و خارج الوطن
وفي أواخر أربعينيات القرن الماضي عاد إلى مسقط رأسه ببودة بطلب من والده الذي أحس بالتعب والوهن . وما إن استقر محمد بلكبير في بودة حتى علم به بعض أعيان تيميمون ،فطلبوه لكي يكون معلما عندهم للقرآن والفقه والعلوم الشرعية وذلك سنة 1943 . فكان يلقي الدرس ضحى لأعيان المنطقة ،ثم بعدها يلقي درسا آخر للصغار ،. عرفه أهل المنطقة إلا رجلا زاهدا ،محبا وأخا كريما ومدرسا ومفتيا ،ومصلحا بين الناس ،لا يمل ولا يكل في الاجتهاد وطلب العلم. وقد عمل الشيخ محمد بلكبير مؤسس الزاوية التي يعتبر المسجد الجزء المهم منها على تطويرها ،وما هي إلا فترة زمنية قصيرة حتى أصبحت الزاوية ذات تأثير قوي ،وتعدى بعدها حدود المنطقة والوطن ،حيث استقطبت الطلبة من داخل الوطن وخارجه خاصة من ،ليبيا وتونس ومالي والنيجر وموريتانيا ،ومنها درس وتخرج الكثير من المشايخ والطلبة ،الذين حملوا مشعل العلم بعده،نذكر منهم على سبيل المثال ،الشيخ الحاج سالم بن ابراهيم ،الشيخ سيدي الحاج حسان الانجميري ،الشيخ الحاج عبد القادر بكراوي وغيرهم كثير .وفي مدرسة الشيخ تأسس المعهد الإسلامي سنة 1964 بأدرار ، ،ويمكن حصر أهم وظائفه خلال عمره المبارك باعتباره شيخ مدرسة ،إمام الصلوات الخمس ،خطيب الجمعة، القيام بالدروس في المسجد والمجلس، يؤم الناس بتراويح شهر رمضان،قراءة صحيح البخاري في نهار رمضان،إصلاح ذات البين،استقبال الضيوف وإطعام الطعام وإيواء الغرباء،قراءة الحزب الراتب والخدمات الأسبوعية،القيام بالدروس الليلية في رمضان،إحياء المناسبات الدينية والوطنية،الإشراف على تسيير أمور المدرسة والمسجد ..الخ . ورغم تقدم سنه ،واعتلال جسمه في أواخر عمره ،ظل حاميا للصرح الذي بناه على تقوى من الله ،مدرسة كانت تعد بحق ،منارة للعلم والاعتدال والتسامح ،ومنبع نشر المذهب المالكي والعقيدة الصحيحة،مذهب عامة جمهور علماء أهل السنة والجماعة . وقد تحصل رحمه الله على الدكتوراه الفخرية من جامعة وهران ،وبعد عمر مبارك قضاه في الخير ونشر العلم والفضائل ، وافته المنية صبيحة يوم الجمعة 16 جمادي الثاني سنة 1421 ه الموافق 15 سبتمبر 2000. ،ليشهد الناس جنازته ،في يوم مهيب وحشد عظيم غص بهم المسجد الجامع والشوارع المتصلة به.
كان علما فذا فريد ولم تلد النساء مثله في خمسة القرون فهو بحق مجدد العصر بل رأس مائة زمنه ..مفخرة للجزائر واي مفخرة