لم يكن جيشنا الوطني الشعبي في يوم من الأيام بعيدا عن شعبه، بل لصيق به، وهي ميزة أصيلة في هذه المؤسسة التي لم تتخل في يوم من الأيام عن مسؤوليتها، مضطلعة بمهامها النبيلة المسندة إليها في الدستور، بل أكثر من ذلك.. هي مؤسسة دستورية مكتملة القوام، والعمود الفقري للدولة وعماد قيامها، فلم يبخل عليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون ولا الفريق أول السعيد شنقريحة يوما بعبارات الثناء والشكر لما يصنعه أبطالنا من معجزات في كل المناسبات، والتي يخرج أفرادها في بعض الأحيان عن إطار المهام المسطرة لهم إلى أخرى إنسانية، فيرتمون في أحضان الموت ببسالة من أجل إنقاذ حياة مواطن في خطر.
فصور التلاحم بين الجيش وشعبه متعددة ومتجذرة في عمق التاريخ، بدايتها من حرب التحرير الكبرى، إلى حرب الرمال في 1963 عندما خذلتنا إحدى دول الجوار وأرادت التنكيل بشعب مكلوم خرج لتوه من معارك طاحنة وغير متكافئة من حيث العدة والعدد، خلفت الأرامل والأيتام والمعطوبين والجرحى ودمارا شاملا في الاقتصاد، فكان أفراد جيشنا في الطليعة للذود عن كل شبر من هذا الوطن..
وسدنا الأخضر الذي أنجزته سواعد أبناء الخدمة الوطنية لوقف زحف رمال الجنوب نحو الشمال... دون أن ننسى إنجازاته في العشرية السوداء في مجابهة الإرهاب، الذي كاد أن يقضي على الأخضر واليابس، فهو العدو المتطرف المستتر الذي تعاني منه أعتى دول العالم اليوم، ما عدا الجزائر التي اكتسبت بفضل رجالها خبرة لا يستهان بها في محاربته... بل أكثر من ذلك يستعان بها في الخارج لتقديم استراتيجياتها في هذا المجال أمام أقوى الدول... وطفرته في إحباط محاولات إغراق البلاد بالمخدرات، وإنقاذ العباد من تهريب البشر عبر الحدود.
ومافتئ جيشنا الوطني الشعبي يضرب لنا الأمثال في الشجاعة، ويثبت لنا في كل المناسبات ولاءه للوطن ولأبنائه، ومتانة الرابطة جيش-أمة... ولعل آخرها الذي لا يزال عالقا في الأذهان وما تناقلته القنوات التلفزيونية، من تضحياته الجسيمة التي قدمها في حرائق الغابات، سواء هذا العام أو السنة الماضية بالقبائل الكبرى، وحتى في الكوارث الطبيعية التي ضربت بلادنا من فياضانات وارتجاجات أرضية، فكان أفراد جيشنا في المقدمة، ملبين نداء الواجب من أجل نجدة الضحايا وإعانة العالقين بين الركام في الزلازل، والذين جرفتهم مياه الأمطار بين السواقي والوديان وفي البحار، وإنقاذ الذين طوقتهم النيران وسط الغابات، وفك العزلة عن المحاصرين بين الثلوج...فاستحق هؤلاء الأبطال عن جدارة واستحقاق لقب "سليل" جيش التحرير الوطني، صانع الأمجاد، ومنقذ البلاد من مستدمر غاشم.
وكان حريا برئيسنا السيد عبد المجيد تبون القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني أن يُرَسِّم الرابع أوت من كل سنة يوما وطنيا للجيش، يحتفي فيه شعبهم بهم، عرفانا لما قدمته هذه المؤسسة للمجتمع الجزائري من خدمات جليلة، فنحن ننام وهي عيننا الساهرة التي تضمن أمننا الشامل وتحمي حدودنا البرية والبحرية والجوية في كل المواسم، ولا يهمها حر الصيف ولا قر الشتاء، ولديها الجاهزية التامة لمجابهة أي خطر خارجي يحدق بالبلاد، بل أكثر من هذا فقد شرّفنا جيشنا حتى في الخارج بتصنيفه واحدا من أقوى الجيوش في العالم باحتلاله مع بداية السنة الجارية المرتبة الثانية إفريقيا والثالثة عربيا ضمن قائمة تضم 145 دولة شملها التصنيف الذي يقوم به سنويا مخبر"غلوبل فاير باور" لأقوى جيوش العالم لسنة 2023، والذي يعتمد فيه على 50 مؤشرا، يراعي فيه الكثير من المعطيات، من بينها عدد الأسلحة وأنواعها والموارد الطبيعية والصناعات المتوفرة في البلاد، والاستقرار المالي والقدرات اللوجيستية والعامل الجغرافي.
وهذا كله بفضل جهود السلطات العليا في البلاد وعلى رأسها القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أول السعيد شنقريحة، اللذان يعملان على إرساء معالم جيش قوي، يعتمد على الاحترافية، ويدرك حجم التحديات التي ينبغي له مواجهتها في المرحلة المقبلة، والتجند لكسب رهان الجاهزية الدائمة لأي شيء.