لا تقتصر حرمة رمضان على مجرد الامتناع عن شهوتي البطن و الفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، بل تمتد إلى صيام باقي الجوارح عن المعاصي و الذنوب.
فالصائم يتحرى الحلال في مأكله و مشربه و ملبسه ، و يجتهد حتى لا يدخل جوفه ولا جيبه دينار من الحرام.
و الصائم يحرس حاسة البصر لديه من الوقوع على حرام، سواء في الشارع بأن يغض بصره فلا يتتبع العورات و المفاتن، أو عبر مختلف الشاشات الصغيرة و الكبيرة ، فيبتعد عن برامج العري و قلة الحياء.
و الصائم يحرس حاسة سمعه من الوقوع على السافل من القول سواء في الأغاني الهابطة أو المكالمات المليئة بالشهوة و لو مع اهله.
و الصائم يحرس لسانه من التلفظ بما لا يليق من الكلام ، سواء في حال التعبير عن الغضب أو عن الرغبة ( فلا يرفث ولا يصخب)، كما يترفع عن الكذب في المعاملات و عن قول الزور كما جاء في الحديث ((مَن لم يَدَعْ قول الزُّور والعملَ به والجهلَ، فليس للهِ حاجةٌ أن يَدَعَ طعامه وشرابه))؛ رواه البخاري
و من قول الزور و العمل به الغش في السلع و تزوير العلامات وتواريخ الصلاحية و المكونات و اختلاق الندرة و التسبب في التهاب الأسعار و غبن الناس و التكسب من معاناتهم في شهر يفترض فيه الإحساس بالفقير و التخفيف عنه.
و الصائم يحرص على عدم إزعاج الغير بالضجيج والتشويش على الناس في أوقات راحتهم أو تعبدهم احتراما لهم و لشعائرهم و مشاعرهم، و تعظيما لأوامر الله تعالى و نواهيه.
و الصائم يحفظ نفسه من معاكسة الفتيات و التبلي بهن، كما انهن يحرصن على سلوك و لباس العفة و الاحتشام خصوصا في شهر الصيام الذي يتحرك فيه الإيمان نحو الأحسن و تزداد مشاعر الطاعة لله و رسوله مصداقا لقوله تعالى " لعلكم تتقون" و هو ما ينبغي أن يتجسد في مظهر الناس و ثيابهم أيضا حتى لا يكون متناقضا مع الإيمان الموجود في القلب، و الذي يدعو إلى الحياء و الحشمة.
و الصائم يحرس جوارحه من أن تقع في الظلم و الاعتداء، فلا تمتد يده بالأذى و لا تمشي رجله في معصية ؛ شعاره في صيامه كقول موسى عليه السلام " و عجلت إليك ربي لترضى"
و الصائم يحرص على التفقه في دينه بشكل أفضل حتى يعبد الله كما شرع و أحب، فيطلب العلم عند الثقة من العلماء المعروفين في بيئته، و لا يعتمد على التفقه عبر الانترنت و الفضائيات لافتقاد الاتصال المباشر الذي به يتحقق الفهم و السؤال و مراعاة الحال و المرجعيات الفقهية التي تبنى عليها الأحكام في البلد.
و الصائم يحرص على أن يعيش رمضان مع القرآن الكريم و مع السنة النبوية المطهرة ، فيخصص وقتا لقراءة القرآن و بعض التفسير ، و وقتا لقراءة السنة النبوية و وقتا لقراءة السيرة النبوية الشريفة مع التركيز على الأحداث التي وقعت في رمضان ليستلهم منها العبر و العظات و الدروس التي يمكن أن تفيده في حياته و في تحقيق التغيير المطلوب في شخصيته و سلوكاته باقتدائه بسيد الأنبياء و المرسلين عليهم أفضل الصلاة و التسليم.
تقبل الله منا و منكم صالح الاعمال