رمضان يربينا وينمينا

فتح مكة: يوم المرحمة

فتح  مكة: يوم المرحمة
رمضانيات
يحتفل المسلمون يوم العشرين من رمضان كل عام بمناسبة عزيزة و غالية على قلوبهم و هي ذكرى فتح مكة المكرمة على يد جيش المسلمين بقيادة رسول الله صلى الله عليه و سلم. حدث الفتح في السنة الثامنة للهجرة بعد سلسلة من الاحداث و الوقائع الممتدة على مدار أكثر من عشرين سنة ،بدأت مع بدأ نزول الوحي في رمضان من العام الثالث عشر قبل الهجرة وصولا ليوم المرحمة كما سماه الرسول عليه الصلاة و السلام. لقد كان فتحا بلا قتال - ما عدا بعض المناوشات القليلة - فكان شكلا مختلفا من الفتوح، خال من الدماء ، خال من الإذلال، خال من الاعتداءات ، خال من الانتقام؛ مليء بالعفو عند المقدرة ، مليء بالسلم و الرحمة و عدم الإكراه. إنه يوم تطهرت فيه الكعبة من أصنام عبدها العرب جهلا و جاهلية و انحرافا عن منهج التوحيد الذي دعا إليه أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام و هو يرفع القواعد من البيت و إسماعيل. لقد بني هذا البيت لعبادة الله الواحد القهار، لا أوثانا من خشب و أحجار. قاومت قريش دين الإسلام بكل ما أوتيت من قوة، فآذت المسلمين و عذبتهم و اعتدت عليهم في مكة حتى حاصرتهم في الشعاب ، ودارت بينهم المعارك بعد الهجرة، ثم غزتهم في غزوة الخندق متحالفة مع عدد كبير من القبائل ؛ لكن الله تعالى ردهم عن اسوار المدينة المنورة خائبين. ثم جاء صلح الحديبية في العام السادس للهجرة بهدنة لعشر سنين، كانت متنفسا للدعوة الإسلامية لتتحرك بهدوء وحرية أكثر من ذي قبل ، سمحت بتضاعف أعداد المسلمين أضعافا كثيرة جعلت جيش الفتح لا يقل عن عشرة آلاف مقاتل. في خضم الاستعراضات و التحضيرات الأخيرة للدخول إلى مكة صاح أحد الصحابة بحماسة قائلا : "اليوم يوم الملحمة" نظرا لما لاقاه المسلمون من قريش من أصناف الاعتداءات ،فبالنسبة للناظر البسيط سيكون هذا اليوم للانتقام و رد الإساءة و جعلها تدفع الثمن؛ لكن كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم رأيا آخر، فقال إنه" يوم المرحمة"، يوم المصالحة الكبرى و لم الشمل و دفن الأحقاد في ظل حرية الاعتقاد...فكان العفو العام ، و قابله مشركو مكة باعتناق الإسلام طواعية و إذعانا للحق الذي ظهر و نصره الله، و وقف له بقية قبائل العرب بالتقدير و الهيبة و الاحترام.. و بمعايير العالم اليوم فإن ذلك يدل دلالة قاطعة على عظمة هذا الدين و سلميته و رحمته بالناس، و على عظمة رسول الإسلام و حكمته و أخلاقه الرفيعة، و على عظمة الجيل الأول من المسلمين الذين تربوا على يديه ثم قادوا العالم في ظرف وجيز. إنها بعض نفحات رمضان شهر القرآن و تحرير الإنسان و بناء الأوطان. تقبل الله منا و منكم الطاعات و القربات أ عبد الكريم مشاي مدير مركز الرائد - وهران

يرجى كتابة : تعليقك