زكاة الفطر واجبة على كل مسلم قادر عليها بعد صيام شهر رمضان مهما كان سنه أو جنسه، وتهدف إلى تطهير الصائم مما قد يكون وقع فيه أثناء الصيام من رفث و لغو، و مساعدة للفقراء خصوصا في فترة احتفال و فرح مثل أيام عيد الفطر المبارك.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "فرض رسولُ الله ﷺ زكاة الفطر, صاعًا من تمرٍ, أو صاعًا من شعيرٍ، على العبد والحرِّ, والذكر والأنثى, والصَّغير والكبير, من المسلمين, وأمر بها أن تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة". متَّفقٌ عليه
و عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) رواه أبو داود
ليس هنا مجال مناقشة إخراجها قوتا أو مالا، فهذه المسألة تملأ الفضاء كل عام في مثل هذه الأيام بين ميسر ومضيق..
لكننا سنتكلم فيها من حيث هي عمل عام يقوم به كل مسلم يملك قوت يومه عن نفسه و عمن يعول ، توجه للفقراء و المساكين حتى يغنوهم يوم العيد هن السؤال.
فعبادة الصيام تتضمن من بين حكمتها مشاركة الفقير بعض ما يشعر به من جوع و ضيق في المعيشة من جراء الحرمان الذي يعاني منه و عدم قدرته على تلبية احتياجاته، فيلمس الصائم خلال أيام الشهر تلك الأحاسيس المؤلمة من جوع و عطش، ليقدر نعم الله تعالى عليه من جهة، ثم لتتكون لديه توجهات تضامنية مع هؤلاء ؛على شرط أن يكون صيامه صياما واعيا لا مبالغة فيه في الأكل و الإسراف بعد أذان الإفطار كما تناولناه سابقا و كما ينصح بذلك الأطباء و العلماء ..
لكن هذا التضامن يبقى ناقصا و نظريا ولا يغير حال الفقير إلا إذا تحركت الأيدي بالعطاء، فكان رمضان شهر التكافل و التبرع و التطوع و الصدقات، و من بين تلك الصدقات زكاة الفطر التي تعتبر جبرا لخواطر الضعفاء و تخفيفا من غبنهم خصوصا أواخر الشهر و أيام العيد حتى يشاركوا هم أيضا و أبناؤهم في الفرحة و السعادة مثل الآخرين.
وزكاة الفطر أيضا جبر لما نقص من الصيام الذي يبقى أجره معلقا حتى تؤدى، لأن الكمال لله و كل بشر يقع في الخطأ و التقصير، خصوصا في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن و الملهيات و المشتتات؛ فيكون الترقيع بصدقة واجبة عن النفس و عن أفراد الأسرة الذين تحت مسؤوليته، و مقدارها بسيط مقارنة بركن الزكاة المعروفة ، إلا أن تأثيرها يكون بفعل كثرة المتصدقين.
ذلك أنه حتى الفقير يستطيع أن يدفع زكاة فطره متى كان له قوت يومه، و لو لم يتوفر له إلا بعد حصوله على نصيبه منها، فإنه يخرجها منه. و في هذا رفع لمقام الفقير أيضا و زيادة تكريم و تقدير بجعله داخلا في من ينفق على غيره و يساهم بالصدقة فتكون له يد عليا في ذلك اليوم و هو الذي تعود على اليد السفلى و أن يكون المعطي بعدما تعود أن يكون الآخذ دائما.
و لتكون هذه الزكاة فعالة أكثر فمن الاحسن أن يتم تنظيمها من خلال جمها و توزيعها على المستحقين ليكون نفعها أعم و أشمل و أكثر اتزانا، و هذا عن طريق لجان المساجد و لجان الأحياء و الجمعيات الخيرية التي لديها قوائم المحتاجين و المعوزين، مع مراعاة الستر اللازم و المحافظة على كرامة الناس و احترامهم.
رمضان مدرسة متكاملة للنفس و الروح، و فيها شتى أنواع العبادات و القربات البدنية و المادية ، فطوبى لمن اغتنمه في الخير من أول يوم إلى آخر لحظة.
و تقبل الله منا و منكم صالح الأعمال