في تاريخ الجزائر الحافل بالعلماء والمصلحين، يبرز اسم الشيخ العلامة والقاضي سيدي عبد العزيز بلمكي كأحد أعمدة العلم والقضاء في القرن العشرين، وُلد الشيخ في عرش بني يسعد بسيدي راشد الغوث، ولاية غليزان، في عام 1896م حسب سجلات بلدية منداس، ولكن هناك روايات أخرى تشير إلى أن مولده كان في عام 1887م، نشأ في كنف والده العالم الجليل الشيخ الحاج بلمكي وأمه السيدة عودة فاطمي، وتلقى تعليمه الأول في مازونة قبل أن يعود إلى مدينة غليزان، ليتابع دراسته في زاوية الشيخ سيدي عدة بحي المرتفعات، ثم انتقل إلى حي القرابة الشعبي العتيق واتخذ له مصلى وزاوية لتحفيظ القرآن الكريم، مما أقلق السلطات الإستعمارية، فراسله النقيب بوشار سنة 1958م يطلب منه تسوية وضعية الزاوية، ومنذ مطلع العقد الثالث من القرن العشرين، تصدى الشيخ عبد العزيز للقضاء والفصل في النزاعات والصلح بين الناس، متبعًا خطى والده الذي توفي في رمضان 1936م.
وقد كان للشيخ دور بارز في دعم الثورة الجزائرية، حيث تواصل مع قيادة جبهة التحرير الوطني وقدم الدعم المادي والمعنوي للجهاد تحت اسم مستعار هو الإمام المهدي،بعد الاستقلال، ترأس الشيخ مجلس قضاء غليزان وظل ملتزمًا بتعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم،و كان يحظى بالاحترام والوقار من أهل غليزان، وكان يُعرف بقدرته على حل الخصومات دون الحاجة إلى المحاكم،الشيخ العلامة سيدي عبد العزيز بلمكي لم يكن مجرد قاضٍ وعالم، بل كان مربيًا ومصلحًا اجتماعيًا، يُعلم الناس ويهديهم إلى الحق، ويُعدُّ من الشخصيات الجزائرية التي أثرت في الحياة العلمية والثقافية والاجتماعية في البلاد، لقد كانت حياته ملهمة للعديد من الأجيال، وترك إرثًا ثقافيًا وعلميًا يُحتذى به،لقد كان الشيخ بلمكي قامة علمية وقضائية شامخة، ومثالًا للعالم العامل والقاضي العادل، توفي الشيخ في الثاني عشر من ماي 1983م ودُفن في مقبرة سيدي راشد عرش بني يسعد بلدية منداس .