بوغرارة شريفة من أقدم العاملات بجريدة "الجمهورية"، لطيبتها وأخلاقها ورقيها وعطائها الكثير والكبير كانت تُكنى بأمّ الجميع ..بوغرارة أو ماما شريفة ،بدأت حياتها في جريدة الجمهورية سكرتيرة رئيسية ، كان مكتبها يتصدر مدخل التحرير ، فكانت تسبق الجميع بالتحية ..تفعل ذلك بابتسامة عريضة هي ابتسامة الأم الحنون والعطوف ..ومن كان يهم بالمغادرة لم يكن يترك المكان قبل أن يسرق من قلبها الكبير دعاء يضيف على دعاء الأم البيولوجية الكثير من الرعاية والاهتمام ..هكذا عبرت السيدة ليلى زرقيط المديرة العامة لجريدة الجمهورية عن السيدة بوغرارة التي كانت تعني لها الكثير في بداية التحاقها بجريدة الجمهورية سنوات التسعينات ... عملت السيدة بوغرارة مع عدد من المدراء الذين تعاقبوا على تسيير هذه المؤسسة الإعلامية العريقة، ومن أجل الإطمئنان على صحتها، قرر طاقم "الجمهورية" أن يزور السيدة "بوغرارة" في منزلها الواقع بحي بلقايد، ..وكانت فرحة شريفة الأم الحنون لا توصف وهي تستقبلنا رفقة أبنائها بابتسامتها العريضة التي سمعنا عنها الكثير وبمشاعر جياشة ...حنان وحنين كبير لمسناه عند وصولنا المنزل ..دموع الفرح كانت تصف مدى سعادة السيدة بوغرارة بلقاء أحد أجيال جريدتها المحبوبة التي قضت بها عمرا طويلا وكونت بها أسرة ثانية تضاف لأسرتها الحضن الدافئ مثل الوالدة .. أسرة تحبها وتذكرها بخير كلما ذكرت الجمهورية ..السيدة بوغرارة تذكرت أيام الزمن الجميل واللحظات السعيدة والحميمية التي قضتها في حضن " الجمهورية" رفقة الكثيرين الذين مروا على هذا المسار وصنعوا جميعهم مجد جريدة الجمهورية وفي جلسة حميمية جمعتنا بالسيدة شريفة، تعرفنا على بدايات واحدة من أبرز العاملات اللائي قدّمن الكثير لهذه اليومية العريقة، سافرت بنا أمّ الجمهورية عبر محطات عديدة منذ التحاقها في أفريل عام 1977 بسكرتارية التحرير، وكيف عملت وتعاملت مع المدراء و الصحفيين و المراسلين الذين أرخوا لتلك الفترة من الزمن، حدثتنا شريفة أيضا عن العشرية السوداء والأجواء الرهيبة والأليمة التي سادت في تلك السنوات الصعبة، وكيف تعامل صحفيو وعمال " الجمهورية معها بصلابة وجلد وصبر وتضحية .. عملت وتعاملت السيدة بوغرارة مع 280 صحفيا عبر الوطن، و 180 مراسلا بالجهة الغربية ، كان ذلك في فترة عرفت فيها الجمهورية أوج عزها وأعلى مراتب ازدهارها لما كانت تبيع من النسخ مئات الآلاف مكتسحة الساحة الإعلامية الوطنية .. عملت وعايشت 06 مدراء سيروا الجريدة ورافقوا هذه الفترة المزدهرة التي تشهد لها وعليها الذاكرة الإعلامية الوطنية .. حدثنا السيدة شريفة عن تفاصيل دقيقة خاصة بمرحلة تعريب الجريدة، وقالت عنها بأنها كانت من أصعب المراحل على الإطلاق، مشيرة أن الصحفيين الذين كانوا يكتبون باللغة الفرنسية في "لاريبيبليك" وجدوا صعوبة في التحول للكتابة باللغة العربية، وهي شاهدة على المجهودات التي كانوا يبذلونها من أجل هذا التحول وتقديم كل ما لديهم للارتقاء بالجريدة وإعادتها إلى الواجهة، وقالت السيدة شريفة أنها عند التحاقها بالجريدة وجدتها تصدر بصفحتيين باللغة العربية وباقي الصفحات كانت باللغة الفرنسية ، رئيس التحرير آنذاك كان هو السيد "قدوس عثمان" ، كان متمكنا في لغة الضاد، إلا أن الصحفيين "عوان" رئيس القسم السياسي و"خباطو" رئيس القسم المحلي كانا يكتبان بالفرنسية ، وقد اجتهدا من أجل النطق والكتابة و التحرير باللغة العربية، وذلك عن طريق توجيهات من الصحفيين المعربين في عهد المدير الأسبق "الشريف زروالة"، الذي تلاه السيد سقاي عبد الحميد في جانفي 1977 . وبعد التعريب الكلي للجريدة، عملت السيدة شريفة مع السيد عيسى عجينة الذي تم تنصيبه على رأس المؤسسة في ديسمبر 1978 ، و كذا السيد محمد زهاني في مارس 1986 ، ثم السيد حبيب راشدين في ديسمبر 1986 ، وفي نهاية ديسمبر من سنة 1988 تم تعيين السيد كعوش محمد مديرا على رأس الجمهورية .. وابتداء من سنة 1989 شهدت الجزائر تحولات وتغيرات سياسية كبيرة...و كشفت السيدة بوغرارة أن المرحوم كعوش كان أبا لجميع العمال، صحفيون وإداريون وتقنيون، خاصة في فترة استهداف جريدة "الجمهورية" في التسعينات وفقدت الجمهورية في هذه الفترة بعض أبنائها، بختي بن عودة وجمال الدين زعيتر الذي زارها في المستشفى قبل اغتياله بيوم واحد، كما روت لنا السيدة شريفة حادثة القنبلة الموقوتة التي انفجرت داخل المؤسسة، وبالتحديد في القسم الرياضي، ولحسن الحظّ لم تخلّف ضحايا إلا أنها خلقت فزعا وخوفا شديدا وسط الزملاء ... وتكلمت السيدة بوغرارة عن التلاحم و المحبة التي كانت تسود بين عمال جريدة "الجمهورية"، فقد كانوا كما قالت عائلة واحدة، وكان هناك عمال لا يعودون إلى بيوتهم، بل ينامون داخل المؤسسة خاصة خلال فترة الإرهاب الأعمى، ومنهم من تلقى رسائل تهديد كانت السيدة شريفة هي من تستقبلها بصفتها سكرتيرة التحرير والمدير،.... السيدة بوغرارة حدثنا كثيرا عن طريقة تعاملها مع المراسلين من قسنطينة، وسطيف، وشلغوم العيد و برج بوعريريج ، وهنا تتوقف شريفة لتقول : " كنا متحابين وبمثابة الأسرة الواحدة، والفترة التي قضيتها في "الجمهورية " لا تنسى...تقاعدت أم الجميع سنة1997 ... ولازالت كما نعرف وكما تذكر هي بفخر إلى اليوم " أحمل الكثير من الحب والحنين للجريدة ولزملائي وأبنائي". .. وفي الأخير أشادت السيدة بوغرارة شريفة بالخصال الحميدة التي تتمتع بها المديرة العامة الجريدة السيدة ليلى زرقيط ، و أثنت عليها وعلى وقوفها بجانب العمال والأشخاص،، في الأفراح والمصائب ..ونقلت لنا الكثير عن الأوقات الممتعة التي قضتها معها ومع الصحفيين من جيلها خلال سنوات التسعينات، وهنأت بالمناسبة السيدة زرقيط بمنصب المديرة العامة لجريدة الجمهورية، خصوصا أنها أول امرأة تتولى هذا المنصب على رأس هذه المؤسسة الإعلامية العريقة....