يستذكر المجاهد والباحث في تاريخ الثورة التحريرية الأستاذ قلوم مكي من تيميمون ، مأساة يوم الهجرة، مؤكدا أن الجزائريين يستذكرون اليوم بعد 63 عاما أحداث 17 أكتوبر 1961، التي ذهب ضحيتها المئات من الجزائريين في العاصمة الفرنسية باريس، على يد الشرطة الفرنسية، فقد دعت جبهة التحرير الوطني التي كانت تقود حربا على سلطات الاستعمار الفرنسي العمال الجزائريين إلى الخروج في مسيرات سلمية بباريس احتجاجا على حظر التجول المفروض عليهم تحديدا من الثامنة والنصف مساء إلى الخامسة والنصف صباحا من قبل مدير الشرطة وقتها "موريس بابون" . وخرج عشرات الآلاف من المتظاهرين الجزائريين بينهم نساء وأطفال من الأحياء إلى شوارع باريس استجابة لنداء جبهة التحرير الوطني، على الرغم من منع السلطات الفرنسية التي يبدو أنها أعطت التعليمات إلى أجهزة الأمن بقمع المتظاهرين بكل الوسائل. ويقول الأستاذ قلوم، الذي نقل روايات الشهود والمشاركين في المظاهرات "اندلعت مواجهات دامية بشارع سانت ميشيل،وحي سانت سيفرين وتكررت المشاهد الدامية في أحياء أخرى، من باريس وضواحيها ، وكان القمع غاية في الضراوة والوحشية ،حسب المؤرخين البريطانيين "جيم هاوس" و"نيل ماكمامستر" اللّذان وصفا ما تعرض له الجزائريون يوم 17 أكتوبر في كتابهما "الجزائريون ،الجمهورية ورعب الدولة" بأنه أعنف قمع لمظاهرة في أوروبا الغربية في التاريخ المعاصر " ويذكر المجاهد قلوم مكي، أن الشرطة اعتقلت نحو 12 ألف جزائري واحتجزتهم في مراكز الشرطة وفي محتشدات أنشأتها لهم خصيصا في قصر الرياشات في باريس و قصر المعارض ، وتعرضوا هناك للاستجواب والإهانة والضرب والتعذيب والقتل، حسب شهود،كما رحّلت السلطات الفرنسية آلاف العمال الجزائريين من باريس وضواحيها إلى الجزائر بسبب مشاركتهم في المظاهرات . ويقدر المسؤولون الجزائريون ضحايا قمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ،من 300 إلى 400 قتيل القي بجثث العشرات منهم في نهر السين فضلا عن المفقودين . وذكر المتحدث، أن أجهزة الأمن الفرنسية بقيادة موريس بابون الذي تعاون مع النازية كان يعرف أن أغلب الجزائريين في فرنسا كانوا يناضلون في صفوف جبهة التحرير الوطني، ولم يكونوا وقتها يسمون مهاجرين لأنهم كانوا فرنسيين بالنسبة للسلطات الفرنسية، وعلى هذا الأساس فرض عليهم وحدهم حظرا للتجوال -يضيف المجاهد ، أن هذا الحظر العنصري هو الذي دفع بالجزائريين إلى تحديه بالمسيرات السلمية ولكن الواقع ما حدث هو فخ نصبته لهم الشرطة لكي ترهب الجزائريين بقمع وحشي لم تقم به النازية إذ قتل 450 جزائريا ، وحمل المؤرخ الفرنسي "جون كلود اينودي" الشرطة الفرنسية بقيادة موريس بابون صراحة مسؤولية قتلهم ، ويطرح مؤرخون مثل الفرنسي "اينودي " أول من أماط اللثام عن دور الشرطة الفرنسية في أحداث 17 أكتوبر 1961 تساؤلات عديدة بشان تغييب رسمي لهذه الأحداث في وسائل الإعلام والجامعات والكتب التاريخية، ويرون أن السلطات الفرنسية والمسؤولين عن الأحداث تحديدا مثل مدير الشرطة موريس بابون ورئيس الوزراء "مشيل دوبري" ووزير الداخلية "روجي فراي" ،سعوا إلى فرض الصمت بشأن القضية ولذلك سقطت جميع التحقيقات القضائية التي فتحت وقتها وعددها نحو 60 تحقيقا ، كما منع الصحفيون من زيارة المراكز التي كان يحتجز فيها الجزائريون . وفيما يتعلق باعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها عن قتل المتظاهرين الجزائريين في أحداث 17 أكتوبر 1961 ،ولكن حصل تقدم في نظرة المسؤولين المحليين إلى الإحداث، إذ دشن رئيس بلدية باريس في عام 2001 "بيرترون دولانوي" نصبا تذكاريا في جسر سانت ميشل تخليدا لذكرى ضحايا 17 أكتوبر ، وفي عام 2011 وضع الرئيس الفرنسي "فرنسوا هولاند" إكليلا من الزهور في جسر كليشي على نهر السين الذي ألقي منه جزائريون في الأحداث، ولعل أهم خطوة داعية إلى اعتراف الدولة الفرنسية بالمسؤولية عن قتل مئات المتظاهرين الجزائريين في أحداث 17 أكتوبر 1961 في باريس هي التي قام بها النائب عن الحزب الاشتراكي "باتريك بانوتشي" إذ عرض مشروع قانون يعترف بمسؤولية فرنسا عن مجزرة 17أكتوبر ، وجاء في النص الذي نشرته صحيفة "لومند" تعترف فرنسا علنا بمسؤوليتها عن المجزرة التي تسبب فيها قمع مظاهرات 17 أكتوبر 1961 لجزائريين يطالبون باستقلال بلادهم .