يرى الدكتور وضاحي ميلود، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة ابن خلدون بتيارت، بأن توجهات السياسة الخارجية للجزائر أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا ومباشرا لنظام المخزن داخليا وخارجيا من خلال لعب مجموعة من الأدوار الفعالة إقليميا ودوليا على غرار مساندة حركات التحرر ومناهضة التطرف والإرهاب وكذا التكيف السريع مع المستجدات الدولية لتنفيذ أهداف برامجها بفعالية دون الإخلال بأهم المبادئ والأطر العامة التي تحكم عقيدتها الأمنية وسياستها الخارجية.
وأكد وضاحي أن صنع القرار الخارجي للجزائر، قد نجحت الدولة فيه إلى حد بعيد في تحقيق الريادة الإقليمية والسبق على نظيراتها في العالم العربي والإسلامي، الأمر الذي جعل من بعض الدول التي تصنف في خانة العدو وعلى رأسها فرنسا والمغرب تبدي مجموعة من ردود الأفعال غير العقلانية بتسخير أبواق إعلامية مأجورة تهدف إلى تشويه صورة الجزائر في ذهن الرأي العام المحلي و العالمي .
وبيّن أنه من ضمن هذه المخططات استخدام مجموعة من السفراء والدبلوماسيين السابقين المشهورين بعدائهم للجزائر للإدلاء بتصريحات كاذبة ومغلوطة حول إصدار بعض القرارات من طرف الحكومة الجزائرية، ويأتي في مقدمة هذه التصريحات - يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية- التصريح الذي أدلى به السفير السابق دريانكور والذي أفاد من خلاله أن الجزائر اتخذت مجموعة من التدابير التقييدية في مجال التجارة مع فرنسا وذلك بهدف زيادة التوتر في العلاقات الثنائية بين البلدين، وهنا جاء الرد رسميا من طرف الحكومة الجزائرية بأن المعلومات مغلوطة وتدخل في إطار الإدعاءات الكاذبة -كما أضاف-.
ويرى الباحث والمختص في الشأن السياسي والدولي أن المتتبع للشأن الفرنسي من خلال وسائل الإعلام الدولية المحترفة، ومنها حتى الفرنسية واستقصاءا لظروف هذه التصريحات يسجل استياء كبيرا اتجاه الحكومة الفرنسية التي تغذي التيارات المتطرفة لاسيما في المجال الخارجي، مشيرا إلى أن أكبر دليل على ذلك زيارة ماكرون الأخيرة للمغرب التي صرح من خلالها عن موقفه السلبي اتجاه شقيقتنا الصحراء الغربية، لافتا إلى أنها توضح أن النزعة الاستعمارية لازلت تسري في دم وأذهان العديد من الفرنسيين، ولعل هذا التوجه سيهدد مصالحهم الإستراتيجية عاجلا أم ٱجلا من خلال ضعف التصور وسوء الإدراك .
ويقود تحليل الدكتور وضاحي إلى أن ماكرون يعتقد أن دعمه لنظام المخزن المطبع مع الكيان الصهيوني قد يشكل عامل ضغط على الجزائر للتراجع عن قراراتها الأخيرة الهادفة إلى كسر الهيمنة الفرنسية وبناء علاقات ثنائية متكافئة رابح_ رابح، في حين تواصل الجزائر في تعزيز ريادتها الإقليمية ودعم تماسك الجبهة الداخلية التي تشهد استقرارا على عكس من نظام المخزن، الذي يعاني من تصدعات اجتماعية واقتصادية خطيرة مما قد يضعفه داخليا وخارجيا -كما ختم الدكتور تحليله