أو "الوقاية خير من العلاج"
هذا المثل شائع و بسيط و يلخص مفهوما شائعا، و لكنه يهمل في الكثير من الأحيان.
فكثير ما يتصرف الانسان بمنطق العادة و اللامبالاة بالنتائج أو الاستخفاف بالمخاطر و المحاذير، و لا ينتبه الشخص حتى تقع المشكلة أو تحدث الكارثة.. في حين أن بعض الانتباه المسبق و بعض الاحتياطات و الإجراءات قد تكون كافية لتفادي تلك المشكلة تماما أو تقليل أضرارها.
المثال البسيط على ذلك هو المحافظة على الصحة بممارسة الرياضة بانتظام، و تفادي العادات السيئة مثل التدخين أو النظام الغذائي السيء..
فتكلفة ممارسة الرياضة و كذا النظام الغذائي الجيد و المتوازن ستكون بالتأكيد أقل بكثير من تكلفة انهيار الوضع الصحي و الإصابة بالسرطان أو السمنة أو أحد الأمراض المزمنة التي تجعل الحياة صعبة و مليئة بالتحديات و الآلام و الصعاب و الأوجاع..
و من ذلك الكشف الصحي العام المنتظم و القيام بالتحاليل اللازمة من باب الاحتياط و الاطمئنان على الذات، و ليس فقط بعد الإحساس بالأوجاع أو حدوث الأمراض.. و هو ما يكون أحيانا بعد فوات الأوان.
مثال آخر هو تكلفة التربية و توجيه الأبناء منذ نعومة أظافرهم و تعلم ما يلزم من مهارات و طرق و أساليب سواء بالمطالعة أو حضور الدورات أو مشاهدة البرامج المتخصصة، و تكلفة مرافقة الأبناء و عيش تجارب الحياة معهم بمتعة و استمرارية..
فالأكيد أن ذلك ستكون أوفر بكثير من أضرار الإهمال و اللامبالاة التي تنتج انحرافات سلوكية أو تربوية تحتاج إلى جهود جبارة لمعالجتها سواء ماديا أو عاطفيا.
تكلفة المحافظة على العلاقات الإيجابية بين أعضاء الأسرة الواحدة و العائلة الواحدة و الجورة و الأصدقاء بالزيارات و الهدايا البسيطة، و المشاركة في الأفراح و الأتراح ..ستكون أيضا أقل بكثير من الحاجة إلى معالجة الصراعات و المشاكل و الاختلالات التي سيكون لها تأثير كبير على المشاعر و المعنويات و مستقبل العلاقات.
التوازن في الحياة و إعطاء أهمية للترفيه و السياحة و تجديد الطاقة و الخروج من الروتين و ممارسة الهوايات و الأنشطة الممتعة.. كلها تساعد على تخفيف الضغوط و التوترات و الملل و الكآبة.
إن صيانة السيارة مثلا و مراجعتها الدورية و القيام بالإصلاحات و التحسينات البسيطة ستطيل عمرها و تجنبها الأعطال الكبيرة و المكلفة.
كما أن معاينة البيت و ترميم العيوب الصغيرة فور ظهورها سيوفر الكثير من الأموال لو تطورت الشقوق و الثقوب حتى تسبب الخسائر و ترميمات مكلفة جدا
توفير أجهزة الأمان و علبة الإسعافات و أدوات الإطفاء تتطلب ميزانيات بسيطة.. لكن عدم توفرها قد ينتج عنه خسائر ضخمة و كبيرة جدا حال وقوع حادث أو حريق بسيط في بدايته.
و التوفير و تفادي التبذير و الاسراف و التخطيط الجيد للأمور و الاستعداد للطوارئ.. كلها مهمة لعدم الوقوع في الأزمات و الانكسارات و إدارة الأوليات الحقيقية بدون تهويل أو تهوين. مع وجود ميزانية احتياطية للاستعجالات حتى لا يكون هناك عجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية.
فمن الجميل إذن أن يعي الانسان هذا القانون و لا يستهين به بل يتحرك بناء عليه و هو ما يجعله في أمان أكثر و توازن أكبر.
مع تمنياتنا للجميع بالنجاح و التوفيق