تزينت قعدة يناير بأجمل الأطباق الشعبية واختارت أن تكون جلستها الاحتفالية بألوان الأصفر والأحمر والبني المتجانسة الأبعاد لموروث ثقافي يعكس التنوع الأصيل من صلب التقاليد الجزائرية المتجذرة عبر التاريخ بامتداد يجسد الرابط القوي بين الإنسان والأرض .
كالعادة لا تفوت المرأة الجزائرية المناسبات الدينية والوطنية لتقدم لمستها السحرية الخاصة بها وتعرض لوحات شعبية من وحي العادات والتقاليد وتُبدع بانجازاتها الممزوجة بين التقليدي والعصري في لوحة جمالية شعبية تختار فيها الوشاح المناسب لكل احتفال وتقدمها بشكل أنيق ومنمق يُبهر أفراد عائلتها ويؤكد اهتمامها المتواصل بمثل هذه المناسبات .
على خطى أنامل الجدات ونكهة زمان ،يعود الاحتفال بالسنة الامازيغية للواجهة ويأخذ حيزا كبيرا من أجندة ربّة البيت التي تخصص للمناسبة برنامجا ثريا ومتنوعا يحمل بين صفحاته الاحتفائية أزكى وأطهى الأكلات التقليدية المشهورة على ألوان البريستيج والدريسينغ العصري وعلى إيقاع يناير المعروف بتنوع عروضه بين المالح والحلو كفأل خير على العائلة بحلول سنة جديدة ملئية بالخير .
قد تتعدد الأطباق وتتباين الوجبات وتتنوع العروض على امتداد المسافات من الغرب إلى الجنوب والوسط والشرق، لكنها لا تحتمل في مجملها الفوراق والاختلافات لتصب في قالب إحياء يناير بجلسات تعكس الاهتمام الشامل بالهوية الجزائرية .
وتعكف ربة البيت وهي تستعد لاستقبال المناسبة على احترام كل الخطوات والمراحل التي تختصر لها الطريق لكسب قلب أسرتها ودغدغة مشاعرها بمائدة عشاء طويلة غير قادرة على استيعاب الكم الهائل من الأطباق .
حضر البركوكس والشرشم والرقاق والشخشوخة والكسكس بالخضر والفول والبزلاء ،واستحوذت الأطباق الشعبية على مساحة المائدة بأكملها، وكأنها تؤكد للجميع أنها لا تزال سيّدة القعدة تحدد وتضبط قوانين جلسة يناير في قائمة طويلة من الأكلات ،متمسكة بمكانتها في زمن المملحات والطاكوس والبيتزا مصرة على الترتيب الذي جعلها منذ عقود على رأس القائمة وبلا منازع .
وفي ليلة ال12 من جانفي اتفقت العائلة الجزائرية على عقد خاص بنوده استحضار الحلة الشعبية بأصنافها المتباينة تزين بها مائدة العشاء "مشبحة" بالحلويات التقليدية والعصرية المعسلة من البغرير والمقروط والقريوش ،ولا تخلو سهرة يناير وان كانت البطون قد امتلأت عن أخرها من سنية الشاي و قصعة المكسرات وحبايل الكرموس والحلوى والشكولاطه يجلس فيها الطفل لاختتام خطوات استقبال السنة الامازيغية وسط فرحة الكبير والصغير في لمّة يناير المميزة وفي حضور أجمل مظاهر الاحتفال والتماسك الاجتماعي .