ارتفعت وتيرة التحذيرات في المغرب من تغلغل الفساد المتواصل في مفاصل المملكة ومن اختراق تجار المخدرات و مبيضي المال العام للمجال السياسي, ما ساهم في انتشار العصابات الإجرامية العابرة للقارات.
هذا ما ذهب إليه رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام, المحامي محمد الغلوسي, في مقال سلط فيه الضوء على مخاطر التداخل بين السياسة والأنشطة المشبوهة, و اختراق المجال السياسي من طرف تجار المخدرات ومبيضي الأموال لصوص المال العام, وهذا بعد تورط سياسيين مغاربة مؤخرا في الاتجار الدولي المخدرات على اثر الإطاحة بشبكة إجرامية, الأسبوع الماضي.
وقال الغلوسي: "ليست هذه هي الحالة الفريدة بل سبقتها حالات أخرى أكثر خطورة", مستدلا بملف "اسكوبار الصحراء" الذي لازال يتردد صداه داخل أروقة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء, و منبها إلى خطر هذه العصابات الإجرامية العابثة بالأمن والسلم الاجتماعيين.
و شدد الغلوسي على أن "الفساد جريمة خطيرة في حق المجتمع والدولة ويهدد كل مقومات الأمن و الاستقرار ويصادر كل فرص التنمية والتقدم", قائلا : "إنه التربة الخصبة التي تشجع على تشكل الخلايا والعصابات الإجرامية العابرة للقارات".
وحسب ذات المصدر, فإن ما يسعى إليه لوبي زواج السلطة والمال بالمغرب "يتقاطع مع أنشطة الشبكات الإجرامية المهددة لأمننا واستقرارنا ", داعيا إلى "مواجهة هذا اللوبي وعدم السماح له بتنفيذ مراميه الخطيرة والهادف إلى إغلاق المنافذ على المجتمع والسطو على قرارات بعض المؤسسات".
و استدل في هذا الإطار بالمادة 3 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية, التي تمنع الجمعيات والمجتمع من التبليغ عن جرائم المال العام وتكبل يد النيابة العامة في تحريك التحريات والمتابعات ضد لصوص المال العام, و التي أكد أنها "تشكل عنوانا واضحا لما يخطط له هذا التوجه الخطير على الدولة والمجتمع".
وفي سياق ذي صلة, أعلنت الجمعية المغربية لحماية المال العام عن تنظيم مسيرة شعبية في 9 فبراير ضد الفساد و نهب المال العام و احتجاجا على منع الجمعيات والمجتمع من التبليغ عن جرائم المال العام بغاية توفير الحصانة لسارقي الأموال العمومية و مراكمة الثروة بطرق غير مشروعة.
و أوضحت الجمعية المغربية في بيان لها أن هذه الخطوة تأتي في سياق ما وصفته ب"غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد و أخلقة الحياة العامة", مؤكدة أن "الحكومة لا تزال تتلكأ في وضع قوانين صارمة لمحاربة الفساد", ومشيرة إلى "التضييق على المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم المال العام", وتقييد النيابة العامة في تحريك التحريات والمتابعات القضائية.
و حذرت ذات الجمعية من مخاطر تمرير المادة 3 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية, معتبرة هذه الخطوة "محاولة لتكريس الحصانة القانونية لبعض المسؤولين وضرب المكتسبات الدستورية".
كما طالبت الجمعية ب"تحريك دعاوى ضد الاشتباه في قضايا غسل الأموال ومحاسبة المتورطين في الفساد دون تمييز, مع مصادرة أموالهم وممتلكاتهم", داعية إلى "تعزيز التشريعات لتجريم الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح, ووضع منظومة قانونية تتماشى مع المواثيق الدولية لمكافحة الفساد".