تُسابقنا الأحداث فتتجاوزنا و السعيد منّا من أخد من دروسها و اتعظ ،فلا تأتي المصائب و المحن اعتباطا بل حكمة و مواعظ ،فما يعيشه الغرب اليوم من انقسام في الصفوف و انهيار متسلسل للاقتصاد و حروب فضحت مزاعم الأوروبيين بأنهم وحدة لا تتجزّأ و اتحاد إقليمي و جغرافي و ثقافي و إنساني، ما يدفعنا لإعادة التفكير في حقيقة وحدة العرب المسلمين ،مشروع جميل وواعد لا يحمل سوى عبارات الخير و القوة للأمة العربية بل سيُعيدها إلى فطرتها و طبيعتها التي مهدت لنهضتها و انتصاراتها ،فطرة ميّزت العرب منذ القدم ،في حروبهم و سلمهم لا يتنازلون عن وحدتهم التي فيها قوتهم و العار في تشتتهم و انقسامهم ،فكانوا إذا تخلف أحد عن الجماعة و فك رباطها و قطع ما أمرت به القبيلة أن يُوصل لحقته الفضيحة و صار مذموما مخذولا وسط قومه ،فهذه أمّة كان منها من البطون من لم تُسلم نبيّها حتى و إن لم تؤمن برسالته السماوية ،فحمته وأيّدته في دعوته قبل إيمانها به ،فحزمة العود وحدته و حميّته و انفراده ضعف فانكسار .هذه المعاني هي كل ما تحتاجه الأمة العربية اليوم لاستعادة هيبتها و قوتها و عسى أن تنجح في ذلك رغم أن مساعي لم شمل الدول العربية ظلت و لعقود نادرة الحدوث ،حتى أن خلافها و تفرقها زادها ضعفا فتداعت عليها أمم أخرى شنّت عليها حروبا تلو الحروب فقتلت وشردت و نهبت و لا تزال تعيث في أرض العرب فسادا بعدما نجحت في قطع حبل الوصال بين الأخوة المتخاصمين فانفردت الأمة المُغتصبة أرضها و انكسر عودها حتى نالها النصيب الأوفر من انتهاك الحرمات وحقوق الإنسان مند أن فُتح باب التطبيع لكل راغب فيه تحت راية السلام المقنع.إن الحِمل الذي ترفعه الجزائر اليوم هو أثقل ما يكون و سيهون في سبيل توحيد صفوف الأمة العربية و العودة بها إلى مجدها و عزّتها ،فلا اختلاف في أن مبادرة القمة العربية الحاملة للواء الوحدة سيلقى الإجماع فأي دولة يعزّ عليها غير ذلك. أكيد أن مشروع الجزائر سيلقى النجاح فيكون أول محطة يجتمع فيها الفرقاء ليتحدوا على كلمة سواء.