فقدت كرة القدم الجزائرية هرم من أهرامها ليلة الأربعاء، وهو اللاعب السابق لفريق جبهة التحرير الوطني والمدرب الوطني الأسبق عبد الحمد زوبا، الذي يعد واحدا من أولئك الذين كتبوا تاريخ كرة القدم الجزائرية بأحرف من ذهب في العديد من المحطات لأكثر من 50 سنة سواء كلاعب أو مدرب أو رئيس للفاف، حيث ووري جثمان الأسطورة عبد الحميد زوبا الثرى ظهر أول أمس الخميس بحضور جمع غفير من كبار المسؤولين والأسرة الثورية والرياضية، في مقدمتهما وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة ووزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق.
وبالعودة إلى مسيرة الراحل، فقد ولد زوبا ببولوغين بتاريخ 2 أفريل 1934 في ذراع الميزان، لكنه نشأ وترعرع في العاصمة من عائلة بسيطة جدا، كانت تعاني من ويلات الفقر على غرار أغلب الجزائريين بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة التي كانت في تلك الفترة، بسبب الاستعمار الفرنسي، الذي مارس أبشع أنواع الظُّلم والاستبداد في حق الشّعب الأعزل. وكان واحدا من الذين كتبوا تاريخ الساحرة المستديرة بأحرف من ذهب. وهو الذي ترك كل شيء خلفه في عالم الاحتراف الكروي والتحق برفقائه سنة 1958، كان له دور مهم في التنسيق بين الفوجين الأول والثاني، خلال عملية الانتقال إلى تونس معقل تكوين نواة الفريق لأول مرة وتجمع كل المعنيين قبل الإنطلاق في المهمة التي كان يسعى لها القائمين على هذا التنظيم، ونجح في كل العمليات التي أوكلت له، وذلك راجع للخبرة التي اكتسبها نتيجة الظروف التي ترعرع فيها.
زوبا.. المدرب القدير والأيقونة المتواضعة
وتلقى الناخب الوطني السابق دعوة فريق جبهة التحرير الوطني عن طريق رسالة في آخر الموسم الكروي شهر جوان 1958، حينها كان يستعد إلى العودة لزيارة أهله بالجزائر، حيث قابله محمد واعلي وهو ابن مدينة الأبيار وسياسي كبير يعرف التفاوض. وحدد الموعد في مقهى «لوغلاصيي» في مدينة نيور، الفريق الذي كان يحمل ألوانه في البطولة الفرنسية، ليبلغه بالموضوع وعن إدراج اسمه ضمن قائمة اللاعبين المعنيين بتشكيل فريق في كرة القدم يمثل جبهة التحرير الوطني، واكتشف أن ما يقوله واعلي حقيقة، والأمر يتعلق بالجزائر لما ألح علي اتخاذ القرار فورا لأنه لا يملك الوقت للانتظار بحكم الظروف التي كانت سائدة، وبطبيعة الحال لم يتردد زوبا في تلبية الواجب الوطني لنيل الحرية. وكان اللقاء الثاني بمقهى «لوديبار» في سان ميشال بباريس في منتصف الليل شهر جويلية رفقة سبعة لاعبين وهم كل من الأخوين بوشاش، الأخوين سوكان، معزوزة وإبرير. انطلقت الرحلة في الثانية صباحا نحو روما أين استقبلنا السفير المكلف من طرف جبهة التحرير الوطني. وكان التوجه بعدها إلى تونس في جويلية 1958، ليستقبل زوبا والرفاق من قبل كريم بلقاسم، علي بومنجل، بن تيفور، بوبكر، عريبي، براهيمي، بوشوك وكرمالي الذين كانوا رفقة الفوج الأول الذي وصل في أفريل 1958، أصبحت المجموعة تتكون من 17 لاعبا، وبالتحاق الفوج الثالث سنة 1961 بلغ العدد 32.
التتويج بالثلاثية التاريخية مع مولودية الجزائر...أكبر إنجازات الراحل
ليواصل بعد الاستقلال زوبا رحلته كمدرب محققا أول لقب قاري في تاريخ الأندية الجزائرية سنة 1975 مع مولودية الجزائر، ويشرف أيضا على تدريب العديد من الفرق على غرار مولودية قسنطينة، كما تولى شؤون العارضة الفنية للمنتخب الوطني في مناسبات متعددة، أبرزها ما بين 1982 إلى 1984 في حقبة ذهبية لكرة القدم الجزائرية مع جيل بلومي وماجر، إلى جانب فترات في حقبة صعبة كانت تعيشها الكرة الجزائرية سنوات التسعينات وحتى بداية الألفية الجديدة، بعد أن نجح في تأهيل الخضر إلى كأس أمم إفريقيا 2002 رفقة رفيقه كرمالي. هذا ودعت «الفاف» الأندية إلى الوقوف دقيقة صمت في كل الملاعب ترحما على روح الفقيد.