انتهت اختبارات الفصل الثاني حتى بدأ العد التنازلي لامتحانات نهاية السنة ،ومع اقتراب مواعيدها يشتد التنافس بين الأساتذة و المربين لتحضير التلاميذ دراسيا ونفسيا وإجرائيا ،لكن ليس داخل المؤسسات التربوية التي كان من المفروض لها أن تضبط برنامجا لحصص المراجعة و التقوية خاص بالممتحنين ،فبين أسوارها يُسابق المدرسون الزمن لإنهاء البرنامج بحشو الدفاتر بدل العقول ،مخافة زيارات التفتيش المفاجئة المعكرة لصفو التدريس.بل الصراع اليوم يشتد بين أخصائيي دروس الدعم التي تُقام بالمنازل والمستودعات، حيث يُحشر أبناؤنا حشرا في سبيل أن ينهلوا من بعض المعارف و يستوعبوا العلوم التي قصّر أساتذتهم في تلقينهم إيّاها طيلة الموسم ،فلا عجب أن يضطر الولي إلى دفع مبالغ معتبرة لأساتذة ابنه ،حتى يَقبلوا به في الأقسام الموازية ،فتزداد حظوظه في النجاح ،و لولا ذاك فسيواجه حتما صعوبات كبيرة يوم الامتحان .فالاعتماد على التحصيل المدرسي لم يعد أبدا كافيا لاجتياز البكالوريا أو البيام بسلام. هو ما يحدث في الواقع ولا مبالغة في القول بأن المربي صار يدّخر من جهده في القسم لينفعه في دروس الدعم، إقبال الممتحنين عليها في ارتفاع ولابد من احتواء كل الطلبات والتفكير في رفع التسعيرة .الأولياء يشكون تدني مستوى الخدمة التي تقدمها المدرسة وسوء التحصيل، والطفل لم يعد يفقه من الدرس جملة أو عبارة وبالأخص في المواد الأساسية التي سيمتحن فيها مثل الرياضيات و الفيزياء و العلوم الطبيعية و اللغات .ومن غرائب الصدف أن تنتعش تجارة دروس التقوية في هذه المواد بالذات،حتى نشأت خلافات و صراعات كبيرة بين أصحابها إلى درجة الانتقام من التلميذ الذي يفضّل هذا عن ذاك، فيلتحق بدروس التقوية التي يقدمها من لهم خبرة و باع طويل فيها بدل خدمات أساتذته الذين قصّروا في حقه بالمدرسة ،فلن يناله منهم سوى التهديد و الوعيد لأن مصيره بين أيديهم. هؤلاء المربين و ليس جميعهم بالتأكيد ،ألغوا حق التعليم المجاني، فمن يدفع أكثر سيفهم الدرس أفضل وقد يحصل على امتياز الاطلاع على موضوع الاختبار الفصلي المقبل. فلكل خدمة مقابل وللتقويم سعره أيضا،بينما نستثني في هذا المقام من يقدم لأبنائنا الدعم والنصيحة في الفترات العصيبة.