يعد الجنوب الجزائري الكبير مفخرة الأمة والوطن بما يملكه من مقومات النهضة التنموية للبلاد في شتى المجالات، خاصة الاقتصادية والسياحية، فجنوبنا له تاريخ حافل بالمآثر البطولية في مسار التحرير الوطني من مخالب الاستعمار الفرنسي الغاشم وقد أبلى مواطنوه البلاء الحسن في معارك شتى أظهرت أن الجزائر بلدا واحدا وموحدا مهما تكالب حينها الاستدمار في مؤامراته الرامية إلى فصله عن الشمال، وهي محاولة يائسة منه لضرب الجزائر المكافحة.. لكن كل هذه المخططات الاستعمارية سقطت سقوطا حرا أما المواقف المشرفة لمواطنينا في الجنوب ووقوفهم الدائم مع بلدهم الجزائر وما معركة "أيسن" إلا غيض من فيض هذا التاريخ المجيد . ولقد ركز المترشحون الثلاثة لرئاسيات السابع من سبتمبر على الأهمية الإستراتيجية للجنوب الجزائري في كل مداخلاتهم الخاصة بالحملة الانتخابية التي تدخل أسبوعها الثالث ، حيث يتجلى من خطاباتهم السياسية القاسم المشترك بينهم على أن الاقتصاد الوطني شريانه الحيوي يكمن في الجنوب وثرواته ليس فقط من محروقات من غاز وبترول بل في جانب الطاقات المتجددة من الشمسية والهوائية والمنجمية ، والتي تعول عليها الجزائر بكثرة في تعزيز المناعة الاقتصادية والصناعية ، كما أن المترشحين يؤكدون دوما أن الجنوب سيعرف قفزة تنموية واعدة بفضل البرامج التنموية التي سطرتها الدولة لإعطاء جنوبنا مكانته المستحقة له من حيث خلق الثروة وتنويع الاقتصاد الذي ننشده جميعا ..
ومن هنا فإن الجزائر تركز خاصة على الجنوب في معركتها الصناعية وما منجم غارا جبيلات الضخم إلا عينة من هذه المشاريع الإستراتيجية التي تسير وفقها الجزائر فهو أول احتياطي ضخم من الحديد الخام في العالم ، وستعرف الحركية الاستثمارية فيه آفاقا مبشرة بالخير للجزائر ولسكان المنطقة بالذات، من حيث توفير مناصب الشغل وتمكين اليد العاملة الوطنية من تأهيل صناعي ،لاسيما وأن الشراكة الجزائرية الصينية القائمة على هذا المشروع ستجلب المختصين وسيطلع الخبراء الجزائريين على المعارف التقنية من لدن الصينيين المعروفين بتفوقهم في مجالات المناجم والتعدين ..
ولا يمكننا أن تحدث عن جنوبنا دون أن نتطرق للطاقات الهيدرولوجية الكامنة في باطنه ،فصحراؤنا تنعم بكثير من المقدرات المائية تحتاج إلى الاستخراج والاستغلال الأمثل لتكون في مستوى تطلعات التنمية المستدامة ، فالرهان المائي أضحى من الأوراق الحساسة التي على بلادنا كسبها بكل جدارة واستحقاق ، فالماء أساس الاستقرار وتوطين السكان والدفع بالتنمية الشاملة نحو الأمام، وهذا ما يؤكد عليه المترشح السيد عبد المجيد تبون في حملته الانتخابية وهو الذي يعرف جيدا الجنوب بحكم ممارسته لوظائف عمومية فيه عندما كان واليا لعدة جهات منه ، فالمعرفة الدقيقة للمترشح عبد المجيد تبون لهذه المناطق أكسبته خبرة طويلة في سبر أغوار التنمية وما يحتاجه الجنوب وما ينتظر منه من نوافذ كبرى نحو التطور المنشود ، علما أن الجنوب الجزائري هو البوابة الرئيسية على القارة الإفريقية وما المشروع الاستراتيجي الخاص بالطريق العابر للصحراء سوى النواة الأولى الصلبة في توطيد علاقاتنا مع الأشقاء في إفريقيا ، فإفريقيا هي العمق الاستراتيجي لنا ونحن دائما نقف مع القضايا القارية سواء ما تعلق بجانب التحرر من الاستعمار أم دعم مسارات التنمية فيها ،والدليل أن الجزائر لها وكالة قائمة بذاتها تعنى بهذا التعاون الجزائري الإفريقي خدمة لرفاهية الشعوب الإفريقية ورقي القارة السمراء التي تطمح الجزائر كثيرا في أن تكون إفريقيا المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي بما تكتنزه من إمكانات في شتى المجالات لاسيما الجوانب المرتبطة بالثروات الباطنية مثل اليورانيوم والبوكسيت والذهب والفوسفات وأمور أخرى بينت الصناعات الحديثة أنها مهمة في عمليات المدخلات والإدماج الإنتاجي، وهذا ليكون خير الأفارقة لشعوبها أولا ..
والجنوب الجزائري ليس فقط طاقة أو مناجم بل هو أيضا فلاحة استراتيجية قائمة على نظرة استشرافية للمترشح عبد المجيد تبون والذي يريد جعل من الصحراء مطمورة الجزائر من حيث الزراعات التي يتوقف عليها الأمن الغذائي الوطني ،كالقمح والشعير والزراعات الخاصة بالزيوت وما شابه ذلك من فلاحة صناعية وهذا ما يتفق عليه المترشحون الثلاثة في نفس الاتجاه فكلهم يتطلعون لإقامة صناعات خلاقة لليد العاملة وموفرة للعملة الصعبة ومطورة للاقتصاد الوطني ، فالمشروع الحيوي مع إيطاليا والخاص بالحبوب في تيميمون وكذلك الصناعات الغذائية التحويلية مع مجمع "بلدنا" هو مربط الفرس للتنمية في الجزائر والخاصة بالحصانة الغذائية الذي ترتكز عليها السيادة الاقتصادية لبلادنا ولا يمكننا التفريط فيها لأنها مشروع القرن ، فالغذاء هو الذي يحدد مصائر الشعوب في الزمن الحالي المتميز بالصراعات الإقليمية والدولية حول مناطق النفوذ لتصريف السلع والبضائع ونحن في الجزائر لا نريد كما قال المترشح عبد المجيد تبون أن نكون مجرد سوقا للاستهلاك بل أن نساهم في ترقية اقتصادنا عبر التصدير خارج المحروقات وهو التحدي الذي سنتمكن من رفعه بمعية كل المخلصين في الجزائر الجديدة ..
فجنوبنا تولي له الدولة العناية الفائقة لما يكتسيه من بعد أمني إقليمي واقتصادي واسع النطاق وهو مستقبل وقوة الجزائر في السنوات الآتية ..
