الفعل قبل القول

الكلمات تدفن الحقيقة

آراء و تعليقات
تعوّدت على أن اكرّر ببطء نفس الشكاوى القديمة المحزنة التي تبتلعها هذه الطاحونة اليومية الثقيلة التي نسمّيها "الحياة". إن الأمر لا يتعلّق بالآخر بقدر ما يتعلّق بأنفسنا. فنحن نهتمّ كثيرا بما نفكّر فيه أو نقوله. لكنّنا لا نميل إلى إبداء نفس الاهتمام بما نفعله. هل تدرك ما تقوله؟ هنا يكمن أساس المشكلة. ومن هنا أيضا تبدأ الطريق نحو بوّابة الحرّية. أي عندما تنتقل من القول إلى الفعل، ومن الانطباع إلى الجوهر، ومن التفكير إلى النتائج. هذا التحدّي ماثل بوضوح في وجودنا الحالي المتخم بهذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات التي تحاصرنا من كل جانب. إننا نجمع المعلومات كما لو أنها البلسم الذي سيمنحنا الخلود. المراهقون، مثلا، يحملون مئات الأغاني في أجهزتهم الاليكترونية لكي يشغّلوا اثنتين أو ثلاثا منها فقط. كما أننا نحفظ ايميلات لا نقرؤها مرّة ثانية أبدا. ونشتري مجلات وكتبا تتضمّن المزيد من الكلمات التي تريحنا، لكنّها تصرفنا عن مواجهة القضايا الحقيقية التي نعرف أننا يجب أن نناقشها ونجد لها حلولا. اعترافات، وعود، حلول، علاقات، التزامات يتعيّن الوفاء بها، تعديل سلوكيات وتغيير أنماط وعادات.. إلى آخره. رجال الدين يَعِظون، إنهم يفعلون هذا منذ ألف عام وسيستمرّون في ذلك لآلاف السنين القادمة. ومع هذا، لا يهمّ كثيرا ما الذي يقولونه أو ما الذي نسمعه. إن كلماتنا عندما تتكامل مع أفعالنا، عندها يحدث الترابط ويتحقّق الانجاز الذي لا يمكن حيازته أو شراؤه بالمال. يجب أن نستيقظ كلّ يوم وكلّ دقيقة وكلّ ثانية لنُسكِت الضجيج في رؤوسنا ونتوقّف عن قول الكلمات الرخيصة وننظر إلى ما هو ابعد من التظاهر والتلهّي بما لا طائل من ورائه. أي أن نركّز على الأفعال فحسب لأن الكلمات تدفن الحقيقة. إن أفعالنا هي من صنعنا وهي في النهاية كلّ ما نتركه وراءنا. ترى لماذا تطلّب الأمر هذه الكلمات الكثيرة لقول شيء هو في الأساس معلوم لمعظم الناس؟! "

1 تعليقات

  1. بن داود سيد احمد 02 مارس 2023 - 23:27:18

    ربط الكلمة بالفعل...

يرجى كتابة : تعليقك